من سنة و نص كدا تقريباً في نص ٢٠١٤، كتب أحد الكتاب الشباب رواية مش هاقول أسمها و انا متأكد ان مع السرد في كثير هايبقي عارفها. المهم الرواية دي نزلت السوق و ماحدش عبَّرها. الرواية عدَّي عليها سنة و نص و ماحدش عارفها. و الجمهور اللي أقبل عليها هو مجرد الجمهور اللي يعرف الكاتب او داخل دائرة معارفه.
المهم الكاتب دا بإتصالاته و علاقاته داخل المجال الأدبي عرف يقنع رئيس تحرير صحيفة أخبار الأدب أنه ينزِّل فصل من روايته دي في الصحيفة، و بالذات الفصل الخامس.
الصحيفة بالفعل نزِّلت الفصل الخامس في شهر اكتوبر اللي فات و قامت الدنيا ساعتها. الفصل فيه حوار بين مصري و صديقة المانية و هي بتكلمه عن نوع من أنواع الممارسة الجنسية و هو لعق العين و استغربت انه مش موجود في مصر فسألته عن المتوفر هنا فرد الأستاذ داخل الرواية بأننا عندنا ...........
مكان النقاط دي الكاتب كتب الممارسات اللي انتوا عارفينها بين الذكر و الأنثي من علاقة بين الفم و العضو التناسلي و اللي بتتم بين الجنسين بالتبادل و شرحها باللجهة العامية المصرية بدون أي مواربة كأنه فيلم جنسي.
وش كدا ..... آه و الله زي ما باقوللكم دا اللي في الرواية و هو ذاته اللي نشره رئيس تحرير الصحيفة اللي بتصدر عن مؤسسة صحفية وطنية حكومية يعني مرتبات العاملين فيها من جيب ضرائب المواطنين.
المهم اترفعت قضية علي رئيس تحرير الصحيفة و الكاتب و استعانت المحكمة وقتها بخبراء في المجال الأدبي (محمد سلماوي - صنع الله ابراهيم - جابر عصفور) للبت في إذا كانت الألفاظ المستخدمة في الرواية، و اللي انتوا عارفينها كويس، تفيد السياق وللا المقصود بها الإساءة و سوء الأدب.
طبعاً باشوات المحكمة قالوا "ان تقييم الالفاظ و العبارات الخادشة للحياء امر يصعب وضع معيار ثابت له فما يراه الانسان البسيط خدش للحياء تراه الانسان المثقف او المختص غير ذلك وما يراه صاحب الفكر المتشدد خدشا للحياء لا يراه صاحب الفكر المستنير كذلك " و قال القاضي ان "العبارات التي حوت تلك القصة محل الاتهام ارتأت النيابة العامة انها تخدش الحياء لم يرتأها الادباء و الروائيين خدشاً للحياء طالما انها كانت في سياق ومضمون عمل ادبي فني. اذا فان المعيار في ذلك يختلف من شخص الي اخر حسبما ثقافته وافكاره وتعليمه .
ولما كان ذلك الامر الذي ترى معه المحكمة انتفاء القصد الجنائي الخاص لدى المتهمان عن قصدهما بخدش الحياء و نشر الرذيلة. و حكمت المحكمة ببراءة المتهامان مما نسب اليهما من اتهام ورفض الدعاوى المدنية والزام رافعيها المصاريف اتعاب محاماه وخمسون جنيها ."
لكن القصة لسة مانتهتش. و لأنها كانت لا يمكن تنتهي، فالنيابة عارضت الحكم و القضية اتفتحت من جديد لكن المرة دي في محكمة تانية. و امبارح بس حكمت المحكمة التانية علي الكاتب و رئيس التحرير بالحبس سنتين.
و عينك ماتشوف إلا النور ...... ٣ صحف اليكترونية عملت بيان موحد لشجب الحكم (واحدة بيدعمها ساويرس و التانية بتدعمها وزارة الخارجية الألمانية و التالتة هي الوحيدة اللي نشرت الفصل الخامس ايام المحاكمة الأولي للمتهمان و انضم لقائمة كتابها مؤخراً باسم يوسف اللي سب بالعربي في مؤتمر توزيع جوائز إيمي في امريكا ). كمان طلع علينا ١٣ مؤسسة حقوقية عملوا بيان موحد تاني بيستنكروا فيه الحبس و بيطالبوا بحرية الرأي و التعبير. من بين ال١٣ مؤسسة في ٣ مؤسسات نسوية و واحدة بيئية و واحدة خاصة بحقوق وسائل الإتصال و كأن كل علاقتهم بالموضوع أنهم جايين يقفوا جنب صاحبهم و خلاص مش ان القضية من اختصاصهم.
المؤسسات دي كمان تواصلت مع مؤسسات حقوقية دولية و عملت حملة عالمية لدعم الكاتب و التنديد بالحكم.
و الرسالة المشتركة بين كل المؤسسات الحقوقية و الأفراد الحقوقيين هي عدم تقبل احكام الحبس علي "الفكر" و "الإبداع" و أصحابه.
الصراحة أنا كمان مش مع حبس الكاتب. انا شخصياً شايف ان عقوبة الجريمة الأخلاقية و السلوكية ماتبقاش الحبس. و زي ما انا ضد حبس كاتب رواية فيها ألفاظ مسيئة، أنا كمان ضد حبس المتحرش إللي كل المؤسسات دي بتطالب بتغليظ العقوبة عليه و بتسعي بكل قوتها لمنع السلوك دا من الإنتشار و الحد منه.
انا مع تفعيل قانون للخدمة المجتمعية.
ماينفعش احكم علي الشخص اللي جريمته هي سلوء السلوك او سوء التصرف انه يتحط في نفس المكان اللي فيه واحد قتل أو واحد سرق أو واحد اختلس.
كمان ماينفعش احبس المتحرش و أسيب الثقافة اللي دفعته للفعل دا، سواء كانت كلمات أغنية أو فيديو كليب أو فيلم أو مسلسل تليفزيوني أو حتي ..... رواية.
انا ضد الحبس لكن في كل الجرائم السلوكية يا بتوع حقوق الإنسان.
لو اللي اتحرش تم الزامه بفترة للعمل بتنظيف حمامات عامة مثلاً لمدة شهرين، مش بس هايبطل يعملها، لا دا كمان الحمامات هاتنظف ببلاش و مش هانعرَّض مرتكب الجريمة السلوكية للإختلاط بالمجرمين.
علي فكرة لو المتحرش مجرم، فاللي حرضه للسلوك دا هو منتج الفيلم السافل، و مخرج الفيديو كليب السيء الأخلاق، و كاتب الرواية، و مذيع البرنامج و كل دول شركاءه في الفعل.
و هو دا حل في رأيي لمنع تكرار الجريمة.
افكار كثير ممكن من خلالها يقوم مرتكب الجريمة السلوكية بأداء فترة الحكم عليه.
ممكن ينظف الشوارع و ممكن يخدم العجائز في دور المسنين و ممكن يطبخ للمساجين و ممكن يشتغل في طلاء جدران المدارس و الفصول و ممكن يشتغل سواق لغيره.
المهم ان الجريمة السلوكية لازم يقابلها حكم يناسبها مش حكم جنائي.
كمان الحقوق لا تتجزأ، يعني ياللي بتدافعوا عن حق البنت انها تمشي في امان، دافعوا عن الأمان السلوكي و الاجتماعي للمجتمع كله.
المطلوب هو وضع منظومة قانونية جديدة للتعامل مع الجرائم الفنية المسيئة.
في النهاية لابد من التحذير من نقطة مهمة: لو تم الضغط علي النظام القضائي من خلال المؤسسات الحقوقية و المجتمع المدني بإستخدام الاتصالات الدولية و تم التراجع في الحكم و تبرأة الكاتب، هايبقي الحكم مرجع لكل صاحب مهنة فنية عايز يحط مواد منافية للأخلاق من باب "حرية الرأي" و "حرية التعبير" و وقتها هانشوف الألفاظ دي في الأغنية و الفيلم و المسرحية و المسلسل و بعد شوية تبقي ثقافة طبيعية و غير مرفوضة و يبقي نقدها غريب.